ايد بايد لبناء اجيال المستقبل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فقدان الهوية وانعدام الاكتراث

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

فقدان الهوية وانعدام الاكتراث Empty فقدان الهوية وانعدام الاكتراث

مُساهمة  الطالبة هديل حسن الإثنين مايو 30, 2011 8:51 am

فقدان الهوية وانعدام الاكتراث: ظواهر تؤدي لتدهور المجتمع وفشل الدولة


الهويّة في الأصل شعور بالانتماء وقبول به، و إذا سألنا عن تحديد لها، تقابلنا الإجابة العفوية وليدة الساعة والمزاج، ولكنها، أي الهوية، تظهر جلية عند التقابل، فإن كان الطرف الآخر المقابل متجردا من محددات معينة فأنت إنسان مثله، وإن واجهك بأنه مسيحي أو يهودي أو بوذي، فأنت مسلم، وإن تقدم بأنه أوروبي، فأنت عربي، وإن حدد وطنا فتقول بوطنك الهوية، وينطبق رد الفعل المكون للانتماء عند السؤال عن مذهبك أو توجهك الفكري أو الأدبي أو حتى هواياتك وأي الفرق تشجع.

يدخل في تحديد الملامح الإضافية للهوية موقع محيطك وتكوينه الاجتماعي السياسي، ومحل ولادتك ومعيشتك وثقافتك.

هذه تعريفات عمومية نجدها في معظم مباحث الهويّة التي تتولد مخرجاتها عند التقابل مع طرف آخر، فهي ردة فعل بمثابة الإجابة الجاهزة، وتكاد تنعدم عند التقابل في وسط حضاري ويكون محدثك متقدما بصفته الأساسية كإنسان، فلا تملك إلا أن تتفاعل معه بهذه الصفة التي هي صفتك كذلك، وعند الاستغراق في مضاهاة الرؤى بينك وبينه تظهر الفروقات والتشابهات، وهي عديدة لكليكما ولا حرج في ذلك.

عندما ينتمي الفرد لهويّة ما، بفعل مؤثرات البيئة والخلفية الحياتية وتأثره بها ودرجته، تصبح ثقافة، والثقافة هنا بمفهومها الأعم من حيث كونها انماط سلوك وتناول وعادات وتقاليد ولغة ومجموعة قيم وحض على سلوك ونهي عن آخر.

إذن، الهوية وحسب التدرج المذكور، إنسانية في البدء وفيها يتلاقى كافة الناس، ثم تلك التي اخترت الانتماء إليها برغبتك أو على مضض.

الانتماء لهويّة ما يضبط سلوك الفرد في مجتمعه وبيئته، فهنالك محيطك الذي يراقبك والذي يعزلك إن ِحدت عنه، الانتماء من عوامل استقرار المجتمع، وإذا فقد الإنسان الهوية/ الثقافة وحس الانتماء لها، يعود لا يكترث بشيء ولن يتورع عن فعل أي مستهجن.

عدم الاكتراث عندما يصبح ثقافة واعتياد يتخلخل المجتمع الجهوي، وإذا عم تتدهور مؤسسة الدولة بعمومها وبصفتها أداة لحام مكونات الوطن والقائمة على شؤونه، وإذا ما مس الهوان الدولة فقل عليها السلام.

هذا ما نعانيه في بلداننا، لم نستطع بعد الخروج من الهوية الصغرى (الجهوية أو القبلية أو المذهبية) ولم تتكون لدينا ثقافة الانتماء الأشمل للوطن/ الدولة.
لماذا حدث ذلك؟ .. نجتهد فنقول:

لماذا ومتى يحدث فقدان الهوية؟

- الصدمة الحضارية؟ … قد يكون لهذا السبب نصيب من الصحة، فالانتقال من حياة البداوة والريف حيث المجتمع الأصغر، والكل تحت بصر الكل، ولا يستطيع فرد فيه ارتكاب السوأة أو الخروج عن مسلك العقد الاجتماعي المضمر والإفتراضي؛ إلى مجتمعات المدن المتكدسة بالسكان حيث لا يعود الفرد محل نظر وملاحظة، ولا ينظر إليه إلا كـ ‘رقم’ ضمن أرقام، وبالتالي لن يعير مجتمعه بأي سلوك مستهجن، فلقد صار ‘نكرة’ ولا يعود يضبطه سوى نصوص القانون المكتوب الذي لم يعتده أصلا، ومدننا العربية بصفة عامة في معظمها لا يحكم فيها القانون أو ثقافته كما هو مفترض. نفس التفسير ينطبق على الانتقال من مجتمعات الطائفة أو المدينة الصغيرة أو المنطقة النائية إلى المدن الكبرى.

- وإلحاقا لما سبق، هنالك أيضا ظهور سمات المجتمع الأوسع بتأثير سهولة التواصل بوسائل النقل والاتصال الحديثة، فاليوم، نادرا ما نرى مجتمعا معزولا عن غيره، بل إن تحديد سمات وحدود مجتمع ما لم تعد كما كانت، فالبشر صاروا يتواصلون ويتواردون وكثير منهم يتعلمون أو يعملون لأجال معينة في مجتمعات أخرى، ولم يعد من سمات تحديد مجتمع ما بالنسبة إلى فرد منه سوى صلات القربى والجيرة القديمة.

- ما يتلقاه الفرد في مجتمعه الأصغر في الأمد الماضي القريب، كان محدودا قد يكون محصورا في أقوال وأفعال الكبار وما ألفوه من سابقيهم، ولكنه اليوم يتعرض إلى دفق هائل من الإعلام الحديث بالتلفزيون والراديو والموسيقى التي صارت متاحة بكل سهولة، يضاف إلى ذلك ما يرد من فكر وآراء معبرة عن توجهات سياسية ودينية من وجوه وأساليب لم يعتدها في الأًصل.

- لعل ما صار أكثر وضوحا في هذه الأيام، أيام الفضائيات التي صارت متاحة للجميع. وليس كل ما يخرج منها طيب، فالمتلقي يشاهد بغزارة كل ما هو مثير وشيق ودافع للاشتهاء، إما على سبيل الترويج التجاري أو حتى الفكري لأنماط حياة وسلوك وقيم أو انعدام قيم وهي تنتج لأهداف سالفة التحديد، أحيانا بغرض دفع الناس للمتابعة (الشباب منهم على وجه الخصوص) فلا ينشغلون بما لا يسر بعض من دول العالم (العربي وولاته في أمور السياسة أو الدولي ومكافحته – للإرهاب) وأحيانا لشد المشاهد للمتابعة والشراء فيما يعلن عنه، والمحفز للمتابعة طبعا هو عنصر الإثارة وتكوين ذهنية أحلام بتحقيق أو تقليد ما يعرض (يكفي للدلالة مراقبة القنوات التي تبث المسلسلات والأفلام الأجنبية المترجمة)

- الانتقال لحياة المدن، والتي تعد تحتاج لكبر الحجم بفضل وسائل البث الفضائي، يخلق تلقائيا أو بفعل متابعة الفضائيات، احتياجات عديدة وكذلك أحلام، فلقد عرفها ورآها على الشاشة، وهذه بدورها تتطلب المال، والمال شحيح، ولكنه يتاح لمن يقتفي أثر من سبقه في الخروج عن الانتماء الأول.

الحالة الجديدة التي يتعرض لها الفرد تؤدي، وإن كان ليس في كل الأحوال، إلى وضعية شبيهة بالانفصام في الشخصية، أو بالأحرى الهوية، فلا هو احتفظ بهوية / ثقافة محل المنشأ، ولا هو استوعب ‘الثقافة’ الجديدة، والمدن العربية الكبرى في معظمها حديثة النشأة نسبيا (من حيث الحجم الذي صار يتفاقم عشوائيا بدون رسوخ ثقافة حضرية يسودهها ويحكمها القانون)، والهوية المفترضة الجديدة أي هوية الوطن أو الإحساس به لم تتبلور وتنضج بعد، وفي هذه الحالة يكون فقدان الهوية الأصلية مصاحب لفقدان الهوية الوطنية البديلة أو لأنها لم تعتمد بعد (غياب التربية الوطنية أصلا).


فلنحاول متابعة انعاكسات فقدان الهوية هذه:

- سهولة التخلي عن نمط السلوك الاخلاقي وانتشار الفساد، والفساد واحد، سواء فساد الذمة أو الأخلاق وما يتبعه، وفاقد الهوية الجانح خارج عن الانتماء للمجتمع/ الوطن، وينتشر الفساد أكثر عندما لا تكون ثقافة القانون والمحاسبة مترسخة، فعندما يشاهد الغرّ اليافع شخصيات ذات مال وجاه في بلده ولا أحد يحاسبه أو يسأله من أين، فلن يستغرق وقتا طويلا حتى يقتدي به.

- عند تفاقم الحالة، يصبح فقدان الهوية شبه ثقافة، وفي هذه الحالة ‘ثقافة فساد’، وهذه لها موروث يأخذه ‘فاقد الهوية’ معه عندما يتبوأ منصبا في مؤسسة الدولة، وإن ترافق معه عدد من صنوه، تصبح ‘الدولة’ أو ‘الحكومة’ عبارة عن تكيّة ومحل تربّح وترزّق وتفقد فعالية أداء دورها المفترض، أي خدمة الوطن والمواطنين.
- ثقافة الفساد هذه، تؤثر أيضا على من يعمل في القطاع الحر أو الخاص، سواء أرباب الأعمال عندما يكونوا مرتبطين بعقود من مؤسسة الدولة، أو العاملين معه، ويفقد القطاع الخاص دوره المفترض الداعم لاقتصاد الوطن بالمبادرة الفردية أو الجماعية.

- الأسوأ من ذلك له، هو خطر ترسخ فقدان الهوية في كافة قطاعات الوطن من مكوناته الصغرى إلى الكبرى، وحتما في هذه الحالة، ستصبح ‘الدولة’ فاقدة لهويتها، وتترهل وتضعف وتوهن، ولن تستطيع حتى الاستقلال في قراراتها وتتعرض لإملاءات الخارج سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية خصوصا بفعل من إملاءات ‘العولمة’ التي لن تستطيع التعامل معها، بل ونذهب إلى أبعد من ذلك، الدولة/الوطن ستصبح مرتعا سائغا لكل تاجر جوّاب، شركة كان أم أفراد .. هذه فرضية غير قابلة للنقض، فمن يهون ويضعف يتلقفه الأقوياء دون استئذان.


انعدام الاكتراث من العلامات المبكرة لفقدان الهوية

تكوّن ثفاقة فقدان الهوية وما تؤدي إليه من عواقب وخيمة على المجتمع الأكبر، مجتمع الوطن، لها علامات وبوادر نستطيع ملاحظتها بمجرد مراقبة سلوكياتنا، ونحن هنا لا نعمم، فليس كلنا عرضة لهذه الآفة، ولكن من المعيب التغاضي عما يقم به البعض منا، وفي اجتهادنا نلاحظ بعض السلوكيات التي تنذر وتنبأ بما هو أكثر شؤما:
لا اكتراث بالغير وعقلية أن الحيز ‘لي‘

نراها جلية في قذف علب المشروب من السيارة كيفما كان، وفي اقتلاع زرع الحدائق العامة، والتداخل في الصفوف عند الإدارات والمصارف بل وحتى في طوابير العزاء، وعدم السماح بالتجاوز والهوس بالتجاوز أثناء القيادة، وسكب ماء التنظيف من الشرفات ورمي القمامة في الشارع، والدسّ على الغير برسائل موقعة من قبل ‘مواطن صالح’، والتفاخر بالممتلكات، وممالأة المتنفذين مع سبق العلم ‘بفسادهم’ والخروج على الناس بالمظهر الرث مع القدرة على غيره، ناهيك عن العبوس في وجه من لا مصلحة فيه، والتلذذ في إرجاء قضاء مصالح الناس مع القدرة على غير ذلك وعدم الاكتراث بمصلحة الغير وحقه أيا كان، وارتكاب المخالفات القانونية في كل شؤون الحياة اليومية استخفافا بالقانون ذاته والقائمين على إنفاذه …

إذا شئنا نستطيع تحبير الصفحات لتعداد هذه ‘المناقب’ وهي باختصار تعني شيئا واحدا: إن لم نتدارك الأمر بالدرس والتمعن فسنكون قد فقدنا زمام المبادرة في إصلاح ما عطب عندنا، وقد يأتي غيرنا (من الخارج بعون من الداخل) لفعل ما يشاء لأننا نعيـــش في منطــقة جد مهمة ومشوقة لغيرنا، غيرنا الآخر هذا؛ لن يســـمح على المدى الطويل بفشل ‘دولنا’ .. فهو يريد أن تكون لدينا دولة فاعلة ولو من باب ‘تأمين’ مصالحه!

صحيح أننا لا نفعل ذلك كلنا، وصحيح أيضا أن ليست كل مجتمعات العرب الناشئة في الإطار الحضري تحمل كل هذه الصفات، ولكن حتى وإن كانت ‘القلة’ هي التي تفعل ذلك، فهذه القلة وبسبب تردي الحال الاقتصادي وانشغال أجهزة الأمن المناط به إعمال القانون/ بأمن أنظمتها بدلا عن العمل للحفاظ على المجتمع ومواطنيه، هذه القلة سوف تزداد عددا وستصبح صانعة ومنتجة ‘لثقافة’ الانفصام عن الانتماء، وفي هذه الحالة لن يعود الانفصام / الانفصال عن هوية الوطن فقط، بل عن العقد الاجتماعي الذي يربط وينسق ما بين من يعيشون سوية … وسنصبح مجتمعات بلا هوية ولا ثقافة ولاقانون… ولا يحزنون!


عن ثقافة القانون

عند الحديث عن القانون وثقافته قد نستبين بيت القصيد ويظهر لنا أكثر جلاء، ويكفي لذلك متابعة أحوال غيرنا في الغرب والشرق ممن تمكنوا من إرساء قواعد السلوك القويم ومن ثم الانتماء، سنلاحظ أن ما يبرز لديهم أكثر وبقوة: هو القدرة على نشر القانون وثقافته بحيث يصبح إنفاذه والتقيد به ومتابعة مخالفيه هو ديدن القائمين على أمور الوطن وكذلك مواطنيه، وبالتالي نراهم متفاعلين مع القانون إما خشية من العقاب المحتم أو درءا لضرر يلحق بهم في حال انتهاكه …

هل من حل؟

ليس من مشكل إلا وله حل، وباب العلاج يبدأ في تشخيص الحالة واستيعاب ما يحدث كما هو دون تزويق أو تلفيق، ونعتقد بإمكانية ذلك من خلال جهد مدروس من مؤسسات الدولة مصاحبا لجهد من مؤسسات المجتمع المدني.

يجب أن يكون الجهد منصبا على زرع روح الانتماء والاعتناء بها من خلال التربية الوطنية المكثفة ومنذ الصغر، وترسيخ حسّ المواطنة بتبيان مع إثبات، لضمان الحقوق البديهية للفرد في الجماعة، والمساواة أمام القانون والتكافؤ في الفرص، وهذا ما نسميه ثقافة المواطنة. ولما كانت هذه لوحدها لا تكفي فلا بد أن يصاحبها نشر وبيان ثقافة القانون من دون المصطلح المتخصص، فكل علم مهما كان عظيما يظل قابلا للتبسيط غير المخل، والعالم الذي لا يستطيع أن يشرح لعامة الناس علمه، فلا نخال أنه عالم، منظومة العلم والثقافة؛
كانت ولازالت تفاعل بين الناس في الحياة وفي قضاء المآرب، القانون يجب أن يكون سيدا منذ صياغته ولا يكون محل مساس من قبل من يتولى أمور الناس.

إعمال القانون والحرص على عدم خرقه أمر يختص به رجال القانون، وهم في هذه الحالة، رجال الأمن الشرطة والإدعاء وينظر ويحكم رجال القضاء الذين لا يجب أن تكون عليهم سلطة، اللهم سلطة القانون ذاته.

سرد المبادئ العامة وإقرارها بنصوص ضمن كم هائل من القوانين واللوائح، لوحده لا يكفي، والشاهد بيّن أمامنا في مدينتا بنغازي هذه، فلقد صدرت التعليمات بربط حزام الأمان عند القيادة والامتناع عن التدخين في الأماكن العامة، التزم الناس حتى انقضاء أسبوع المرور ولبضعة أيام امتنعوا عن التدخين، ثم عادت الأمور كما كانت ..

ما قد يكفي ويثمر هو أن يصبح القانون ثقافة ومنهاج سلوك للمجتمع / الوطن، البنية التحتية من الطراز الأول والخدمات الصحية والاجتماعية لن تؤتي ثمارها إلا إذا شرعنا وفق خطة عمل منهجية لترسيخ مفهوم المواطنة لبناء المواطن المنتمي المتفاعل، من غير ذلك سنظل في تخلفنا قابعين
!



رمضان جربوع

جريدة القدس العربي


المصدر:
http://www.manfata.com/%D9%81%D9%82%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB-%D8%B8%D9%88%D8%A7%D9%87%D8%B1-%D8%AA/


الطالبة هديل حسن

عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 30/05/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقدان الهوية وانعدام الاكتراث Empty فقدان الهوية

مُساهمة  nerjeen.laktineh الإثنين مايو 30, 2011 1:05 pm

ان فقدان الهوية أو الشعور بعدم الانتماء هو موضوع خطير ويسبب عدم الاكتراث وهنا يبدأ المجتمع بالانهيار.

nerjeen.laktineh

عدد المساهمات : 51
تاريخ التسجيل : 12/05/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى