ايد بايد لبناء اجيال المستقبل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الاعلام و صناعة الرأي العام

اذهب الى الأسفل

الاعلام و صناعة الرأي العام Empty الاعلام و صناعة الرأي العام

مُساهمة  الطالب كرم غريب الجمعة مايو 13, 2011 8:04 am

تثير الصورة في وسائل الإعلام إشكالية التثبيت والإقصاء، حيث أن الأشياء التي تركز عليها الكاميرا تبقى عالقة في أذهان الجمهور وإدراكهم ومخيلاتهم، والأشياء التي تهمشها وتتجاهلها وتتخلى عنها وسائل الإعلام تزول للأبد من إدراك الجمهور. فالصورة تستخلف الواقع في الكثير من الأحيان، بل تصبح هي الواقع نفسه. وهذا يعني أن الصورة تستحضر الغائب وتُغّيب الحاضر.

الصورة أصبحت سلعة في الصناعة الإعلامية، لكنها بدلا من السعي من أجل تقديم الواقع وإثراء الحوار والنقاش وتبادل الآراء والأفكار من أجل خلق مناخ ديمقراطي، أصبحت وسيلة للتلاعب والفبركة وبناء الواقع حسب ما يريده أصحاب الإمبراطوريات الإعلامية ومن ورائهم أباطرة المال والسياسة.

ومن هنا نلاحظ أنه في العديد من الأحيان يتم التلاعب بالصور وإعادة تركيبها وإخراجها وإضافة أشياء وتعديلات عليها، حتى تعكس إيماءات وإيحاءات معينة لا تعكس الواقع بالضرورة كما هو، وإنما تعكس واقعا مختلفا تماما وفق معايير تحددها الأبعاد الأيديولوجية والسياسية لصاحب المؤسسة الإعلامية.

يحدث هذا في الحروب والأزمات والأعمال الإجرامية والإرهابية، للتأثير والتلاعب بمشاعر الناس ولتشكيل وعي ينسجم مع أيديولوجية ومصالح القوى التي تتحكم في الاقتصاد والسياسة والإعلام.

يتساءل الكثيرون عن واقعية وموضوعية مخرجات الوسائل الإعلامية وإلى أي مدى تعكس هذه الرسائل الواقع كما هو وإلى أي مدى تشكله وتبنيه و»تفبركه» وفق أطر ومرجعيات واتفاقيات محددة؟ ففي بعض الأحيان يُقدم الحدث من زوايا مختلفة وبرؤى متناقضة، وكأن الأمر يتعلق بحدثين مختلفين تماما.

تعامل وسائل الإعلام مع الكثير من القضايا والأحداث يثير عدة تساؤلات وملاحظات، من أهمها أن الإعلام بصفة عامة والصورة بصفة خاصة أصبحا جزءا لا يتجزأ من بعض القضايا والأزمات والحروب. ما قدمته وسائل الإعلام أثناء الاعتداء الصهيوني على لبنان، وحرب أميركا على العراق وممارسات الكيان الصهيوني في فلسطين، لا تخرج عن هذه القاعدة.

شهدت الساحة العربية والعالمية خلال السنوات القليلة الماضية أحداثا مهمة تفاعلت معها وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم بطرق مختلفة، وفي بعض الأحيان يتبادر للقارئ أو المشاهد أن الأمر يتعلق بأحداث مختلفة وليس بنفس الحدث، لكن عملية النظر إلى الحدث ومعالجته وتحليله وتقديمه للجمهور هي التي اختلفت، وبذلك يكاد الحدث نفسه يختلف رغم أنه واحد. أصبحت وسائل الإعلام في القرن الحادي والعشرين «تفبرك» الواقع أكثر مما تقدمه وتنقله للجمهور كما هو.

الكلام عن الموضوعية والبراءة وتقديم الأشياء والأحداث والحروب والأزمات كما هي في الصناعة الإعلامية، يعتبر ضربا من الخيال. affraid affraid وسائل الإعلام وبفضل المكانة الاستراتيجية التي تحتلها في المجتمع وبفضل قوتها ونفوذها في عملية تشكيل وصناعة الرأي العام، وفي إعلام وإخبار الجماهير بما يحدث ويجري من حولهم وفي العالم بأسره، أصبحت تستقطب اهتمام القوى الفاعلة ـ السياسية، الاقتصادية، الدينية، جماعات الضغط، المجتمع المدني ـ في المجتمع سواء محليا أو دوليا. هذه القوى تعمل جاهدة على تشكيل الوعي وفق معايير ومقاييس تخدم وجهة نظرها ورؤيتها للأحداث وبذلك مصالحها. affraid affraid

لا يحرك وسائل الإعلام في أي مجتمع المال فحسب، affraid بل هناك قوى أخرى تتنافس فيما بينها للاستحواذ والسيطرة عليها من أجل إعلاء كلمتها ووجهة نظرها وإيصالها للرأي العام. لأنه في نهاية المطاف السلطة الحقيقية في أي مجتمع يؤمن بالديمقراطية والشفافية، هي سلطة الشعب أي الرأي العام. والقوى الاستراتيجية التي تشكل الرأي العام في أي مجتمع هي وسائل الإعلام. affraid

حسب ثيودور أدورنو وماكس هوركهايمر، أصبحت الثقافة في القرن العشرين صناعة مثلها مثل الصناعات الأخرى، تخضع لقوانين العرض والطلب وبذلك قوانين السوق. فالمنتجات الثقافية أصبحت منتجات معلبة تُصنع وفق معايير الإنتاج المتسلسل ووفق أنماط معينة تؤدي في النهاية إلى أحادية الأسلوب والمحتوى.

وبذلك اٌختصرت الثقافة في التسلية والاستهلاك العابر الذي يعمر لفترة زمنية محدودة ثم يزول للأبد. فالصناعات الثقافية أصبحت مرادفة للتلاعب بأذواق الأفراد وحسهم، كما أصبحت نموذجا للتعليب والتنميط والتسطيح وإفراغ الثقافة من محتواها الحقيقي ومن بعدها الجمالي والإنساني.

أثرت العولمة الليبرالية في المؤسسات الإعلامية في جميع أنحاء العالم، وأفرغتها من دور الرقابة والسلطة الرابعة والدفاع عن مصالح المحرومين والضعفاء والمساكين في المجتمع من خلال إبراز الحقيقة والبحث عنها بدون كلل أو ملل. فالسلطة الحقيقية في المجتمع أصبحت في أيدي حفنة من المجموعات الاقتصادية العالمية، وهذه الشركات الكونية يزيد حجمها الاقتصادي أحيانا عن ميزانيات بعض الدول والحكومات، بل مجموعة من الدول والحكومات.

فالتطور الجيواقتصادي الذي شهده العالم خلال العقود الأخيرة أدى إلى تغييرات وتطورات حاسمة في الصناعات الإعلامية والثقافية على المستوى العالمي. وبذلك أصبحت المؤسسات الإعلامية العملاقة وذائعة الانتشار محليا ودوليا، من صحف ومجلات ومحطات إذاعة وشبكات تلفزيونية إضافة إلى الانترنت، تتمركز أكثر فأكثر في يد شركات عملاقة مثل «فياكوم» و«نيوزكورب» و«مايكروسوفت» و«فودافون» و«برتلسمان» و«يونايتد غلوبال كوم» و»ديزني» و«تلفونيكا» و«آ أو أل تايم وارنر» و«جنيرال إلكتريك» وغيرها.

وبهذا أصبحت الاحتكارات الإعلامية العملاقة أو المجموعات الإعلامية تهتم بمختلف أشكال المكتوب والمرئي والمسموع، مستعملة لبث ونشر ذلك قنوات متعددة ومتنوعة من صحف ومجلات وإذاعات وقنوات تلفزيونية وكوابل وبث فضائي وشبكات البث الرقمي عبر الألياف البصرية والانترنيت. كما تتميز هذه المجموعات ببعدها الكوني العالمي، حيث أنها تتخطى الحدود والدول والجنسيات والثقافات، فهي كونية وعالمية الطابع.

وبذلك أصبحت هذه الشركات العملاقة ومن خلال آليات الهيمنة والتمركز تسيطر على مختلف القطاعات الإعلامية في العديد من الدول والقارات وأصبحت بذلك الرافد الفكري والأيديولوجي للعولمة الليبرالية. فلا عولمة بدون عولمة وسائل الإعلام الجماهيرية وعولمة الصناعات الإعلامية والثقافية.

وحسب رأي إغناسيو راموني، رئيس تحرير «لو موند ديبلوماتيك» فإن العولمة هي أيضا وسائل الإعلام الجماهيرية ووسائل الاتصال والأخبار.

وفي سياق اهتمامها بتضخيم حجمها واضطرارها لمغازلة السلطات الأخرى فإن هذه الشركات الكبيرة لا تضع نصب أعينها هدفا مدنيا يجعل منها «السلطة الرابعة» المعنية بتصحيح التجاوزات على القانون واختلال العمل بالنظام الديمقراطي سعيا إلى تحسين النظام السياسي وتلميعه. فلا رغبة لهذه الشركات في التحول إلى «سلطة رابعة» أو التصرف كسلطة مضادة.

وهي لا تخوض فقط في سلطتها الإعلامية بل تمثل الذراع الأيديولوجي للعولمة ووظيفتها هي احتواء المطالب الشعبية وصولا إلى محاولة الاستيلاء على السلطة السياسية (كما توصل إلى ذلك ديمقراطيا في إيطاليا السيد سيلفيو برلسكوني، صاحب أكبر مجموعة إعلامية ما وراء جبال الألب)... هكذا تضاف السلطات الإعلامية إلى السلطات الأوليغارشية التقليدية والرجعية الكلاسيكية. وتقوم معا، وباسم حرية التعبير، بمهاجمة البرامج التي تدافع عن حقوق الأكثرية من السكان.

تلك هي الواجهة الإعلامية للعولمة وهي تكشف بأكثر الصور وضوحا وبداهة وكاريكاتورية عن أيديولوجية العولمة الليبرالية. تفاءل الكثيرون خيرا وظنوا أن ثورة المعلومات وتكنولوجية الاتصال ستردم الهوة بين الشمال والجنوب وبين الأغنياء والفقراء وستؤدي إلى الديمقراطية وانتشار حرية التعبير وحرية الصحافة، وبالتالي مشاركة الجماهير في السوق الحرة للأفكار وفي الممارسة السياسية وفي صناعة القرار، لكن الواقع يفند ذلك تماما، حيث إن ظاهرة الاغتراب والتهميش وانتشار ثقافة الاستلاب والاستهلاك، أصبحت من مميزات الألفية الثالثة سواء في الشمال أو الجنوب.



المصدر: د.محمد قيراط
كلية الاتصال
جامعة الشارقة


الطالب كرم غريب

عدد المساهمات : 11
تاريخ التسجيل : 13/05/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى